البيان الختامي للمؤتمر السادس لجماعة الدعوة والإصلاح
انعقد المؤتمر السادس لجماعة الدعوة والإصلاح، تحت شعار "التماسک والديناميكية"، يومي 12 و13 جمادي الأولی 1446 هـ، في النصف الثاني من العقد الخامس من عمر هذا التنظيم المدني، في ظروف حيث تشهد البلاد والمنطقة والعالم الإسلامي التطورات التالية:
- قبل أقل من ثلاثة أشهر، تم إجراء الانتخابات الرئاسية الرابعة عشرة بسلوك هادف من قبل الإيرانيين الأذكياء الذين لديهم حق التصويت:
نسبة عالية من هؤلاء الناخبین رفضوا المشاركة ولم يأتوا إلى صناديق الاقتراع إما لم یجدوا انعكاساً لاهتماماتهم في خطاب المرشحين وإما قاموا بتقييم حجم ونطاق مشاكل البلاد بطريقة تجعلهم يعتبرون الحل الجذري لها يتجاوز قدرة المرشحين وخطتهم.
إن غالبية السكان الذين اختاروا المشاركة في الانتخابات لم يروا أن استمرار النوع السابق من الإدارة أمر جيد لحاضر ومستقبل البلاد، ورجحوا خطاب المرشح المختلف الوحيد، الذي أكد على "الحق" و"العدالة" من حيث المبادئ و"إعادة الوئام" في الأسلوب، وعلى هذا الأساس وضعوا السيد بزشكيان على كرسي الرئاسة ويسعى هذا الجزء من المجتمع، بالإضافة إلى سبل العيش المشروعة والمطالب الاقتصادية، إلى إصلاح إجراءات الحكم، واستعادة الأمل والثقة العامة، واستعادة رأس المال الاجتماعي.
إن غالبية الناخبين السنة، استمراراً لمنطقهم الانتخابي المفهوم للعقود الثلاثة الماضية، تم وضعهم في الفئة الثانية من أجل تلبية المطالب المتراكمة لعقود من التمييز والنقص، وقد ساهموا بلا شك مساهمة لا يمكن إنكارها في نجاح حملة "من أجل إيران" الانتخابية؛ ومن الواضح أن هذا الجزء من المجتمع يتوقع بحق الإجراءات الإيجابية الأولية لحكومة الوفاق، بما في ذلك ترقية الدور الإداري لإحدى النخب السنية ليصبح عضواً في مجلس الوزراء، وتنصیب محافظین سنیین وتعيين نواب لبعض الوزارات وما إلى ذلك، ...، يجب أن يستمر وينبغي أيضاً أن يمتد ليشمل إجراءات أكثر عمومية للتوظیف والاختيار ومن أجل الحد من فوج العاطلين عن العمل، يمكن الاستفادة من القدرة العلمية والتنفيذية للشباب الأكفاء والمشرقين في المناطق على النحو الأمثل ويتم تقليل المخرجات السلبية للظواهر المؤلمة والخطيرة مثل العتالة ونقل الوقود وما إلى ذلك ومع مرور الوقت، وبإجراءات فعالة ومستمرة، ينبغي خفضها إلى الصفر خلال فترة معقولة.
ورغم أن مطالب الطائفة السنية الإيرانية لا تقتصر على تعزيز الوضع السياسي والإداري، ولکن حل القضايا والمطالب الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها، مع وجود مسؤولین محليين جديرين شعبيین ويمكن أن تكون هذه القاعدة بداية واعدة لمستقبل أفضل لهذه المناطق في كافة المجالات ویتم ري شتلات الأمل الجديد وتطهيرها بطريقة مناسبة.
2. تشهد منطقة الشرق الأوسط واحدة من أندر فترات التوتر بين النظام الصهيوني الغاصب والشعب الفلسطيني المضطهد المؤمن المناضل والمقاوم في قطاع غزة؛ إن إسرائيل المحتلة، في أطول حرب في تاريخها الأسود والإجرامي ومنذ أكثر من أربعمائة يوم تدوس على كل الشرائع والأعراف الدينية والأخلاقية والقانونية، وفق ادعائها الكاذب، سعياً لترميم علامة المنيعة، عقب الهجوم المفاجئ ليوم 7 أكتوبر 2023. إلا أن هذا الکیان فشل في تحقيق أهدافه المعلنة، وبعد إخفاقات أخلاقية وطبعاً إصابات عسكرية مؤلمة، وبعد أن امتد نطاق المواجهة الشديدة إلى الحدود الشمالية لفلسطين، هاجم بریاً الأراضي اللبنانية أيضاً وفي نوع من الانسجام مع داعية الحرب الذي اختاره البيت الأبيض، تسعى إلى جر إيران إلى هاوية حرب مدمرة.
3. إن العالم الإسلامي، سواء على مستوى الحكومات والنخب الحاكمة أو على مستوى المجتمع المدني والحركات والتيارات، يعيش إحدى أضعف فتراته من حيث التأثير الرسمي على الاتجاهات والأحداث العالمية. إن الأنظمة التي انبثقت من الانقلاب على المطالب المشروعة للأمم في الربيع العربي القصير والفاشل، ومؤيديها الکبار والصغار والقرباء والبعداء التزمت الصمت المميت ضد احتكارات إسرائيل المدمرة والدموية. وفي مثل هذه الظروف، فإن الحملات الشعبية لصالح الشعب الفلسطيني محدودة النطاق، ولا يمكن أن يكون لها تأثير ملموس وحاسم على تغيير المعادلات الأساسية. ومن ناحية أخرى، فإن السلوك غير المقبول لبعض جيوش وزعماء الدول الإسلامية، بتشويه الحقوق الطبيعية للدول المجاورة، ولو عن غير قصد، يشكل أساساً لتبرير الإبادة الجماعية الصهيونية. التصرفات العدوانية والأعمال الحربية التي يقوم بها الجيش التركي في شمال سوريا، بهدف تهجير السكان الأكراد الأصليين وفرض ديمغرافية بديلة مزيفة، أحد الأمثلة الواضحة في هذا الصدد.
وفي هذه الفترة المهمة والمصيرية، ومن خلال تبني منهج واقعي إصلاحي معتدل، فإن جماعة الدعوة والإصلاح تؤكد على النقاط التالية:
دعوة الأعضاء والأتباع الأعزاء إلى النظر المستمر في الطبيعة الاختبارية والانتقالية للحياة الدنيوية والاستمرار المأمول للحركة في ضوء القيم السامية والأهداف النبيلة مثل التزکیة والتقوى والإیثار والكياسة والتنمية فضلاً عن الاهتمام الجاد بالتماسك التنظيمي والديناميكية وترسيخ عقيدة الشافعي الذهبیة في تجنب اختلاف القلوب مع اختلاف العقول وتطلب منهم أن يفهموا دورهم الثقافي والاجتماعي، وأن يراقبوا الوضع الملتهب والمتغير من حولهم بيقظة وجدية ليكونوا أبناء عصرهم.
الفهم الصحيح لاتجاهات المجتمع المستهدف ومعاييره وأعرافه وفهم احتياجات الأجيال المختلفة واختيار اللغة المناسبة للتفاعل مع كل جيل؛ وصياغة القضايا والمشاكل بأفكار واقعية وقابلة للتحقيق والحل وبطريقة رحيمة فعالة واستغلال جميع قدرات الاتصال، سواء في التفاعل مع مجموعات الأشخاص والمؤسسات المتعاطفة والمتحالفة، أو على مستوى المؤسسات الحكومية ذات الصلة، من أجل التخفيف من معاناة الناس وبناء مستقبل أفضل.
بادئ ذي بدء، ندعو قادة البلاد إلى اتخاذ تدابير ومبادرات مؤثرة لاستعادة ثقة أغلبية الشعب المتضرر في كفاءة الانتخابات في تحسين إدارة البلاد، ومن ثم الفهم الصحيح للاتجاهات الاجتماعية، ونذكر بضرورة تبني الأساليب الإقناعية والاستمرار فيها وتفضيلها على الإجراءات القسرية والمفروضة، ومن الضروري قبول السلوكيات الصحيحة واحترام المؤسسات والرموز الروحية أكثر وأفضل. ينبغي سماع الصوت الحقيقي للمجتمع إن عدم الاستماع والإغفال کان باهظاً في الماضي، وسيكون أكثر تكلفة في المستقبل.
إن صورة البلاد في البيئة المناخية والعالمية لا تتناسب بشكل جيد مع الخلفية الحضارية الغنية والرائعة لنا نحن الإيرانيين ومتطلبات أمن بلادنا وتنميتها المستدامة؛ إن إعادة بناء تلك الصورة المشوهة تتطلب تبني مقاربات واقعية وإعادة النظر في السياسات الاتصالية والثقافية، خاصة في التعامل مع العالم الإسلامي من الدار البيضاء إلى جاكرتا؛ مما لا شك فيه أن النخب السنية، بشرط ثقة الحكومة ودعمها، لديها القدرة على المشاركة في إعادة خلق الصورة الحقيقية للمجتمع الإيراني، وخاصة في مجال الدبلوماسية العامة والثقافية.
وفي النهاية، ومع إعادة التأكيد على "التماسك" و"الديناميكية" كشعارين للمؤتمر، فإننا نتمنى مستقبلًا أكثر إشراقًا من الماضي للجماعة وعموم المواطنين والأمة الإسلامية والإنسانية التي سئمت من كل أنواع الأزمات والتوترات.
والسلام علیکم ورحمة الله
المؤتمر السادس لجماعة الدعوة والإصلاح
13 جمادي الثاني 1466 هـ
الآراء